يتناول هذا المقال الثورة الإيرانية الحالية، ويستكشف الروابط بين الاستقلالية الجسدية والاستبداد من وجهة نظر نسوية.
لم تتوقف الاحتجاجات في إيران منذ ثلاثة أشهر حتى الآن، بالرغم من قمع الوحشي من قبل النظام ، وفرض عقوبة الإعدام على السجناء السياسيين، ومقتل قرابة 458 متظاهراً بينهم 63 قاصراً (حتى كتابة هذا التقرير).
مقتل مهسا جينا أميني إثر اعتقالها وضربها على يد شرطة الآداب، لعدم تغطية شعرها «بشكل صحيح»، جعل من حرق الحجاب وقص الشعر بادرة حشد في الاحتجاجات الإيرانية. ولكن رمزية حرق الحجاب وقص الشعر تتجاوز المعارضة البسيطة للحجاب الإلزامي أو وحشية شرطة الآداب، بل تشمل معارضة أوسع لنظام قمعي حرم النساء من استقلاليتهم الجسدية، وحرم الإيرانيين من حرية الاختيار من دون التعرض للاضطهاد. هذا الحراك الذي يشمل كل المناطق والطبقات الاجتماعية والانتماءات العرقية والدينية ينادي بالحرية للجميع ويطالب بتغيير سياسي جوهري.
إن ربط الاستقلالية الجسدية بتغيير النظام يجعل هذه الاحتجاجات التي تقودها النساء احتجاجات نسوية بجدارة، ويميز بينها وبين الاحتجاجات التي سبقتها في إيران، والتي كانت تتمحور حول قضايا معينة مثل الإغاثة الاقتصادية أو الإصلاح الانتخابي. كيف إذن تمكنت المطالبة بالاستقلالية الجسدية من توحيد مختلف المجموعات، وما علاقتها بالمطالبة بتغيير النظام؟
إن امتلاك الفرد لاستقلالية جسده/ا أمر يتعلق بالإرادة والاختيار والحرية والكرامة. لذلك تبقى المسألة الاستقلالية الجسدية في صلب مطالب الحركات النسوية حول العالم، والتي تستجوب أسباب سيطرة الرجال والدول والأنظمة القمعية ورقابتهم على أجساد النساء، وتطالب بإنهاء ذلك.
غالباً ما يرتبط مصطلح «الاستقلالية الجسدية» بالحريات الجنسية ووسائل منع الحمل، ولكنه يشمل أيضاً رفض العنف الجسدي وسوء المعاملة، والتحكم في الحركة والملبس، والسيطرة التامة على حياة الفرد ومستقبله/ا.
يعتبر فهم ديناميكيات السلطة والقضاء على اختلالاتها استراتيجية نسوية رئيسية تهدف الناشطات من خلالها إلى تحقيق العدالة الجندرية والاجتماعية. لا يمكن تحقيق التغيير إلا بعد فهم مكامن القوة وطرق عملها، ولا يمكن جعل المجتمعات أكثر عدلاً ومساواة إلا بعد نقل السلطة وإعادة توزيعها.
تستعمل الأنظمة الاستبدادية أساليب الضبط والرقابة على أجساد النساء لممارسة الحكم الشمولي، وذلك عبر بسط سيطرة واسعة على أجساد النساء، و-أو منح الرجال مزيداً من القدرة على التحكم بهن. بذلك لا يجرّد الرجال، المعرضون لقمع الأنظمة الاستبدادية ذاتها، من قوتهم تماماً، بل يسمح لهم بالسيطرة على أزواجهم وأخواتهم وأمهاتهم وبناتهم، وتحديد ملبسهم، وأين ومتى يمكنهم الخروج، ومع من يمكنهم الاجتماع. تسمي منى الطحاوي هذه العملية «تحالف الدولة والشارع»، فمن خلالها يحصل الرجال المضطهدون على الحد الأدنى من السلطة الأبوية والكارهة للنساء ضمن الدولة الاستبدادية، مقابل خضوعهم لسلطة الدولة وطاعتها.
ولأنها تقرر من يمكنه حرمان النساء من حرية الجسد والحركة والجنسانية، فإن الاستبدادية ترتبط بشكل جوهري بالسلطة الأبوية. وتظهر البيانات أنه كلما كان نظام الدولة أكثر استبدادية، كلما ازدادت الفجوة بين الجنسين. كما يوضح مؤشر عدم المساواة بين الجنسين ومؤشر الديمقراطية على سبيل المثال، أن البلدان التي يرتفع فيها معدل عدم المساواة بين الرجال والنساء عادة ما تحتل مرتبة أدنى على مؤشر الديمقراطية، والعكس صحيح. وبالمثل، فإن الحركات اليمينية المتطرفة والمناهضة للديمقراطية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، دائماً ما تكون مناهضة للنسوية ومعادية للمثلية.
أطلقت المتظاهرات المطالِبات بالاستقلالية الجسدية في إيران حركة ضمت كل الأجناس والطبقات والانتماءات الدينية والعرقية، فقد صار من الواضح بالنسبة إلى كثير من الإيرانيين والإيرانيات أن حرمان النساء من حريتهم الجسدية يكمن في صميم اضطهاد النظام الإيراني.
كما هز فقدان الوصاية على قواعد الملبس و«أخلاق النساء» الجمهورية الإسلامية ومؤسستها الدينية حتى النخاع، وجعل الاحتجاجات مفهومة وممثلة للعديد من الجماعات التي عانت من اختلالات القوى، حتى تلك التي استفادت منها قليلاً في السابق، مثل الشباب والفتيان. فقد أدرك أولئك أن فتات السلطة التي منحتهم إياها الدولة لم تجعلهم حلفاء أحراراً ومتساوين مع النظام بأي شكل من الأشكال.
إن الشعار النسوي «جسدي، خياري»، والهتاف الذي أصبح شعار الثورة الإيرانية «امرأة، حياة، حرية»، والذي يعود أصله إلى الوحدات النسائية المقاتلة في الحركة الاشتراكية الكردية (ژن، ژیان، ئازادی)، هما وجهان لعملة واحدة. لا يوجد استبداد من دون نظام أبوي. وبالتالي، لا توجد حرية من دون استقلالية جسدية.
لذا من بالغ الأهمية للنساء والرجال والأشخاص غير الثنائيين من جميع الخلفيات الاجتماعية أن يقدموا الدعم لبعضهم البعض خلال أي نضال ضد الاستبداد/النظام الأبوي. فقط بذلك يمكنهم تحدي الأنظمة التي حرمتهم من حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
ليديا بوث هي مديرة المشروع لدى مؤسسة فريدريش إيبرت – المشروع الإقليمي للنسوية السياسية والنوع الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
فرح دعيبس هي مديرة برامج أولى لدى مؤسسة فريدريش إيبرت – برنامج النسوية السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
نعرب عن تضامننا النسوي مع الشعب الإيراني الشجاع الذي يطالب بحريته، ومع النساء اللواتي يناضلن للسيطرة على أجسادهن في جميع أنحاء العالم!
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن مؤسسة فريدريش إيبرت.
المكتب الإقليمي للجندر والنسوية
202491 1 961+338986 1 961+feminism.mena(at)fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/