يلقي هذا المقال الضوء على التدخلات النيوليبرالية التي تقودها المؤسسات المالية الدولية وصلتها بالنشاط والفعل النسوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تقترح هذه المقالة أن الاستراتيجيات والتحركات الرافضة في الجنوب العالمي للتدخلات النيوليبرالية للمؤسسات المالية الدولية - مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي - يجب أن تعتبر أولويات للعمل النسوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
من خلال تحليل التدابير والسياسات التي تفرضها هذه المؤسسات، وخطابها حول العدالة الجندرية، يسلط هذا المقال الضوء على الطرق المختلفة التي من خلالها تعيق هذه التدخلات العمل النسوي. وهو ما يؤدي في نهاية المطاف لإعاقة السعي نحو العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحطيم القدرة على تصور واقع نسوي بديل. يختتم المقال باقتراح استراتيجيات نسوية وافعال تضامن ومناصرة تهدف إلى مواجهة التدخلات النيوليبرالية للمؤسسات المالية الدولية.
تتمحور المهمة والرؤية التي يروّج لها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حول دعم الحكومات في ضمان النمو الاقتصادي المستدام، مع التركيز على "تعزيز رخاء الفقراء" و"زيادة دخل ألأربعين بالمئة الأشد فقراً من سكان "البلدان النامية". وإن مفهوم النمو الاقتصادي هذا يرتكز على مبادئ السوق الحرة، ويخدم بشكل أساسي مصالح المؤسسات الخاصة ومصالح الشركات العالمية في هذه البلدان . وغالباً ما يفرض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إصلاحات تمنح الأولوية للخصخصة على حساب الحماية والضمان الاجتماعي والرفاه العام للأفراد والمجتمعات. وفي إطار الخصخصة، يقع عبء الإصلاحات الأكبر على عاتق الأفراد الذين لا يمتلكون المهارات والقدرات التي تخولهم-ن الدخول إلى سوق العمل والمنافسة بفعالية. وبذلك تلزمهم-ن المؤسسات المالية بحلولها المقترحة والتي تتضمن الاستثمار في مهاراتهم-ن الفردية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي.
وفي الإطار نفسه فإن الخطاب الذي تستخدمه هذه المؤسسات فيما يتعلق بموضوع العدالة الجندرية يركز على الآثار الاقتصادية والمالية الناجمة عن عدم المساواة، وعلى القيمة الاقتصادية لتحقيق المساواة التي تُقاس عبر الناتج المحلي الإجمالي. وتعتبر المؤسسات المالية الدولية البلدان التي تظهر مستويات عالية من عدم المساواة الجندرية بأنها تضر بنموها الاقتصادي وتساوم على إمكانياتها الاقتصادية. وبالتالي، فإن الخطاب حول العدالة الجندرية والمشاريع التي تفرضها المؤسسات المالية تحت هذه المظلة تنظر إلى النساء، ولا سيما الأكثر تهميشًا، من خلال عدسة نيوليبرالية.
وغالباً ما تتمحور الحلول المقترحة لمعالجة اللامساواة الجندرية حول تسهيل وصول النساء إلى سوق العمل و"تمكينهن" ليصبحن أكثر استقلالاً. وضمن هذا الإطار فإن للسوق والربح الأولوية والأسبقية المطلقة، مع الاعتبار بأن "الاستثمار" في الأفراد ومعالجة القضايا الاجتماعية يتماشيان مع الممارسات الاقتصادية الجيدة.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم تدخلات المؤسسات المالية الدولية على فكرة أن "البلدان النامية" تتميز بمستويات عالية من اللامساواة الجندرية. ويجري توظيف هذه الفرضية لتبرير التدخلات المستمرة للمؤسسات المالية الدولية في هذه البلدان، وتقديم نفسها كمنقذة للنساء وخبيرة في القضايا الجندرية . هكذا تصبح العدالة الجندرية موضوع استغلال من قبل المؤسسات المالية الدولية، وبالتالي من قبل الحكومات، ولتعزيز أجنداتها النيوليبرالية.
أثرت المؤسسات المالية الدولية بشكل كبير على الحركات النسوية من خلال ترويج وتعزيز الخطابات والمشاريع النسوية النيوليبرالية على المستويات المحلية .
وإن هذا الاستغلال للمطالب النسوية وتوظيفها لخدمة مصالح المؤسسات المالية الدولية يقوّض ويقلّل من الإنجازات التي حققتها النسويات عبر السنين نحو تحقيق المساواة والعدالة الجندرية والاقتصادية. كما تعيق هذه التدخلات التقدم الذي أحرزته النسويات فيما يتعلق بتفكيك الهياكل الاقتصادية والاجتماعية التي تستبقي على اضطهاد النساء والفئات والمجتمعات المهمشة.
لقد قدمت النسويات في جميع أنحاء العالم تحليلات معمّقة لتأثير سياسات "التكيف الهيكلي" على الفئات والمجتمعات المهمشة. كما سلطن الضوء على كيفية تأثير هذه السياسات على حياة الأفراد والمجتمعات. وبالإضافة إلى ذلك، بحثت النسويات في دور المؤسسات المالية الدولية في تعزيز وترويج الشكل النيوليبرالي للنسوية وفي استغلال الأجندات النسوية.
إن من أهم الاستراتيجيات والأفعال التي من الممكن أن تقوم بها النسويات لمقاومة تدخلات المؤسسات المالية الدولية في الجنوب العالمي هي التحليل المستمر لجميع أشكال الاستغلال للأجندات والعمل النسوي من قبل خطابات وإجراءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وذلك لإبرازها وتأطيرها في سياق حماية هياكل السلطة القائمة بين شمال العالم وجنوبه.
ومن المهم أيضاً إلقاء الضوء على مصالح الحكومات في بلدان الجنوب في فرض تدابير التقشف، وتنفيذ مشاريع التنمية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية، وكيفية استفادة هذه الحكومات من سياسات التكيف الهيكلي..
من خلال تحليل كل هذه الديناميكيات بشكل نقدي وكشفها على ما هي عليه، يمكن للنسويات مواجهة تدخلات المؤسسات المالية الدولية. وطرح نهوج اقتصادية بديلة تتمحور حول حقوق واحتياجات الأفراد والمجتمعات وتعيد توزيع السلطة والموارد.
ويبقى تنظيم وبناء تحالفات عابرة للحدود، وتعزيز التضامن بين النسويات والأطراف الفاعلة التقدمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والجنوب العالمي، أمراً بالغ الأهمية لمقاومة استغلال المؤسسات الدولية للحراك النسوي. كما أن هذه الجهود ضرورية أيضاً في معارضة تدخلات هذه المؤسسات التي تعيق السعي نحو العدالة الجندرية والاجتماعية. وإن التعاون بين النسويات من جهة والنسويات والمؤسسات التقدمية من جهة أخرى يسمح بتطوير استراتيجيات وأفعال عابرة للحدود تهدف إلى طرح هيكليات اجتماعية واقتصادية بديلة أكثر إنصافاً والحد من تراكم أرباح المؤسسات الخاصة، والتي غالباً ما تأتي على حساب الأفراد والجماعات.
المكتب الإقليمي للجندر والنسوية
202491 1 961+338986 1 961+feminism.mena(at)fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/